للفنان محمد عبلة
حصلت على هذه الصورة من صفحة “الشعب يريد تطهير البلاد” هي لوحة للفنان محمد عبده، وفيها يصور جنود الجيش ممن اعتدوا على “الفتاة المسحولة” على إنهم ذئاب.
وجهة نظري المتواضعة أن الصورة شديدة النمطية، تتخذ من تصوير الحيوان سبيلا للتركيز على قسوة وضراوة بعض الناس. نحتاج دائما للحيوانات لتصوير الصفات التي تبدو “لا إنسانية”.
في هذه الصورة أيضا توظيف للذئب. لكن لماذا؟
يقال دائما “ذئب بشري” في إشارة إلى رجال ارتكبوا أفعالا تتضمن اعتداءات جنسية (اغتصاب وهتك عرض). إلا أن الحيرة لا تزال قائمة وهي لماذا الذئب بالذات.
هل القصد في التعبير أن الإنسان (الذئب) يحاول الاعتداء (الانقضاض) على المرأة(الفريسة التي هي قطعة اللحم)؟
لكن هناك حيوانات أخرى تقوم بنفس الأفعال؟ الأسود، النمور، الفهود وحتى القطط وجميعها تنقض على فرائسها اللحمية. فلماذا إذا لا نقول: أسد بشري، أو نمر بشري.
أعرف أن بعض العبارات (في جميع اللغات) لا تخضع لقانون. ربما يكون منها ربط البشر المغضوب عليهم بالذئاب.
الغريب إنني (حسب معلوماتي) لم أجد ذكرا للذئب في القرآن الكريم إلا في ثلاثة مواضع جميعها في سورة يوسف وهي تشي بصورة موضوعية للغاية الخوف على الإنسان (سيدنا يوسف) من خطر الذئب. هذه الآيات هي:
قَالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَن تَذْهَبُواْ بِهِ وَأَخَافُ أَن يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنتُمْ عَنْهُ غَافِلُونَ
قَالُواْ لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذًا لَّخَاسِرُونَ
قَالُواْ يَا أَبَانَا إِنَّا ذَهَبْنَا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنَا يُوسُفَ عِندَ مَتَاعِنَا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَمَا أَنتَ بِمُؤْمِنٍ لَّنَا وَلَوْ كُنَّا صَادِقِينَ
يمكن للمرء أيضا أن يذهب في رحلة ممتعة إلى المعاجم التي ستقدم له خليطا من العبارات التي يحمل جلها نفورا من هذا الحيوان وخصاله. لكنها في النهاية لا تحمل الوحشية التي تعامل بها جنود الجيش مع “الفتاة المسحولة”
في القاموس المحيط نجد أن
الذّئْبُ، بالكسرِ ويُتْرَكُ هَمْزُهُ: كَلْبُ البَرِّ،
ورجلٌ مَذْؤُوبٌ: وَقَعَ الذِّئْبُ في غَنَمِه.
وذُؤْبانُ العَرَبِ: لُصُوصُهُمْ وصَعالِيكُهُمْ.
وذَؤُبَ، كَكَرُمَ وفَرِحَ: خَبُثَ، وصارَ كالذِّئْبِ، كتَذَأْبَ.
وتَذَأَّبَ: استَخْفَى لها مُتَشَبِّهاً بالذِّئْبِ لِيَعْطِفَها على غَيْرِ ولَدها،
وداءُ الذِّئْبِ: الجُوعُ، لا داءَ له غَيْرُهُ.
و”اسْتَذْأبَ النَّقَدُ”: صارَ كالذِّئْبِ، مَثَلٌ لِلذُّلاَّنِ إذا عَلَوْا.
ومن أشهر ما ورد من صفات الذئب في حديث الإمام عليّ، كرّم اللّه وجهه- في نهج البلاغة، وهو ينعي حظه مع بعض “جنده” وتخاذلهم، يقول الإمام عليّ
دعوتكم إلى نصر إخوانكم فجرجرتم جرجرة الجمل الأسرّ ، و تثاقلتم تثاقل النّضو الأدبر ، ثمّ خرج إليّ منكم جنيد متذائب ضعيف
والـمُتَذائِبُ هنا بمعني الـمُضْطَرِبُ
30.064742
31.249509