خلافا لأهل القاهرة، لا تمر فترة الموت والحداد في الصعيد بهذا اليسر.
لا أقصد طبعا درجة حزن الناس على الفقد، لكني أعني ذلك الكرنفال الطقسي الذي يحيط بالموت والحداد في أرياف الصعيد حيث يستحضر مخزون ديني وتاريخي وجغرافي يغلف هذه الطقوس. ويقدم- لمن يحدق النظر فيها- مشاهد يستعصى أغلبها على الفهم والتفسير.
البعض يظن أن الصعيد القديم لم يعد صعيدا، خاصة فيما يتعلق بطقوس الحزن والحداد. فقد طغى التحضر والعمران على الغالبية العظمى من بنادره. وهو ما ساهم – بقصد أو دون قصد- في اختصار هذه الحالة الطقسية المرتبطة بالموت واختزالها إلي أضيق حيز ممكن.
طقوس الموت هنا في الصعيد مزيج فريد من تعاليم دينية وتأثيرات تاريخية وجغرافية. وقد يخيل لك وأنت تشاهد جنازة ما، أن شعائرها الطقسية بمثابة قانون صامد تتوارثه أجيال تزعم انها تدرك كنهه هذه الطقوس ووظيفتها. Continue reading